التفكير وتحقيق الأهداف
دكتور وحيد حامد عبد الرشيد
إن المفتاح الأول للنجاح في العمل والدراسة والحياة بصفة عامة هو وجود هدف :فوجود هدف في حياتك يجعلك ذا دافعية عالية ونشاط وهمة. وبالتالي يساعدك على التركيز فيما تقوم به ويقودك إلى تنظيم وقتك حسب هذه الأهداف .وعلى الرغم من إدراك للناس لأهمية وجود أهداف في حياتهم لضمان النجاح فإن قلة منهم هم الذين يفعلون ذلك ، ففي تقرير نشر في الولايات المتحدة كان 3% فقط من الناس الذين جرت مقابلتهم قد حددوا أهدافهم على الورق.
إن نجاحك في وضع أهدافك وصياغتها هو إفشال لأي فشل يطرأ على حياتك .
فالهدف يعرف بأنه :
الغاية التي ينشدها الإنسان ، ويسعى إلى تحقيقه متخذا في سبيل ذلك كافة الوسائل الممكنة في ضوء إمكانياته وقدراته . وأهم هذه الوسائل التي يجب على الفرد أن يستخدمها في تحقيق ما يربو إليه ، هو التفكير ، الذي يرسم للفرد الطريق الصحيح لتحويل الهدف من مجرد أمنية إلى أفعال واقعية ملموسة تعود بالخير على الفرد وعلى من حوله .
فمن الأمور البديهية والمتعارف عليها أن لكل عمل بداية..! وفي كثير من الأحيان تكون له نهاية.. إما بتحقيق الهدف المنشود من وراء هذا العمل - أي النجاح - أو بعدم الوصول إلى الهدف المنشود ومن ثم الإخفاق..!
وكما أن لكل عمل بداية فإن التفكير الصحيح هو بداية العمل الناجح..! فكل منّا يريد أن يرى نفسه وقد حقق ما يحلم به..! أن يرى نفسه في المكانة المرموقة التي يتمناها..! ولكنْ قليل منّا من يسعى بحق لتحقيق حلمه، والمكانة التي يريدها لنفسه..! فالأحلام والتمني لا يحققـان واقعاً بذاتيهما..! وإنما ترجمة الأحلام والأماني إلى خطة علمية وعملية مدروسة، ومحددة الغايات والأهداف والوسائل، هي السبيل إلى تحقيق الأحلام والأماني.. وهذا لن يكون إلا بالتفكير الايجابي ؛ لأن أي إحساس بالإحباط أو بالاكتئاب أو بعدم القدرة على مواصلة أي عمل أو دراسة بحماس ، سوف يؤدى إلى نتائج كثيرة مضرة ، منها :
1- توتر في بادئ الأمر
2- ومن ثم التفكير الدائم بالموقف المؤلم
3- استحضاره ليلا ومن ثم إشغال العقل اللاواعي إلى الصباح ((بالرغم من أن الإنسان نائم
ولكن عقله لا ينام بل مشغول بالموقف الماضي ))
4- ثم الوصول إلى الخوف والرهاب الاجتماعي ..
5- ثم إلى الإحباط والانهيار والاكتئاب والإخفاق في تحقيق الهدف...
6- وأخيراً الوصول إلى الأمراض النفسية
وهذا يشير إلى أهمية التفكير الايجابي في تحقيق ما يهدف إليه كل فرد ، فقد أشار الدكتور طارق سويدان إلى أن الطريق إلى النجاح يبدأ بالتفكير ، وأهم ما يعجبني في شأن التفكير ، هو أن التفكير العميق والإيجابي يولد فينا الطموح الدائم، ومن ثم العمل المستمر لتحقيق أهدافنا
فهذه الأهداف بالقمة .. وللوصول إليها .. لابد من اجتياز درجات سُلم الصعود .. خطوات متعلقة بالنفس ، يدعمها الإرادة ، والرغبة والطموح .. ثم خطوات عملية جادة تتمثل بالأهداف الصغيرة التي من خلالها .. يُمكن تحقيق الهدف النهائي ..وهذا كله أساسه التفكير الايجابي .
ومن الطرائف الجميلة التي توضح أهمية التفكير ما حدث به إسحاق نيوتن إحدى السيدات التي كانت تجلس بجواره ذات يوم في مأدبة عشاء أقيمت تكريما له , وفجأة سألته السيدة :
قل لي يا مستر نيوتن , كيف استطعت أن تصل إلى اكتشافك هذا؟
وقال العالم الكبير في هدوء ، المسالة في غاية البساطة ..لقد كنت اقضي جانبا من وقتي كل يوم أفكر في هذه الظاهرة الغريبة التي تدفع الأشياء إلى السقوط على الأرض .. إن التفكير وحدة يا سيدتي هو الذي هداني في النهاية إلى هذا الاكتشاف .
وقالت السيدة : ( ولكنني اقضي ساعات طويلة من يومي أفكر وأفكر وبالرغم من ذلك لم استطع أن اكتشف شيئاً.
وقال نيوتن يسألها : وفيم كنت تفكرين يا سيدتي.
قالت : في زوجي الذي هجرني , وانفصل عني بالطلاق
قال نيوتن : وهل كنت تفكرين في زوجك بعد الطلاق أم قبله؟
قالت السيدة : بعد طلاقنا طبعاً.
وهنا نظر إليها العالم الكبير وقال : ( لو أن تفكيرك في زوجك يا سيدتي كان قبل الطلاق ,لاستطعت أن تكتشفي أنت قانوناً للجاذبية من نوع آخر.
لقد هدى التفكير نيوتن إلى الجاذبية وصار عالماً مشهوراً وحقق ما يربو إليه ، لماذا لا يفكر كل منا في أهدافه ويمعن فيها التفكير ويجعل جزءا من يومه يفكر فيها وفى النتائج المترتبة والوسائل التي يمكن استخدامها في تحقيقها ، فحتما سوف يكون نهاية هذا الطريق أهدافنا التي نريدها.
ويمكن أن نوجز أهم إيجابيات التفكير العميق والمتميز في عدة نقاط:
1- يحقق التفكير العميق الإيجابي والمتميز بلا شك تغييراً كبيراً في واقعنا، ويقودنا إلى الواقع الذي نتمناه لأنفسنا
2- يساعدنا التفكير العميق والمتبصر على التميز والإبداع، بعد تمكيننا من اكتشاف قدراتنا ومواهبنا، ومساعدتنا على استخدام هذه القدرات وتلك المواهب الاستخدام الأفضل إن لم يكن الأمثل.
3- يحقق التفكير العميق والمتميز التوازن المرغوب بين جميع شؤون حياتنا، والتي تتسم بالاختلاف والتداخل.
4- يوضح ويجلي لنا - التفكير العميق والمتميز - الرؤيا بين المتاح وغير المتاح من الإمكانيات المادية الملموسة، وبين الممكن فعله والمستحيل فعله.
5- يقودنا التفكير العميق والمتأني إلى بناء إستراتيجية واضحة المعالملمستقبلنا؛ إذ يمكننا من تحديد الرؤية، والغاية، والأهداف، والوسائل... الخ.
6- يولد التفكير العميق والإيجابي فينا الطموح الدائم، ومن ثم العمل المستمر لتحقيق أهدافنا
ولكن السؤال الآن كيف نجعل تفكيرنا إيجابياً ؟
يجب القضاء على مجرد التفكير السلبي وإبداله بالتفكير الايجابي ، وهذا يمكن أن يتحقق باستخدام إحدى الطريقتين التاليتين :
الطريقة الأولى : هو التفكير بالأهداف المستقبلية الجميلة كالتالي :
1- كتابة الأهداف الرائعة التي تود تحقيقها (اهمم هدف في حياتك )
2- كتابة الأدوات التي تساعد على تحقيق الهدف الرئيس وتقدير الحسابات المالية ..
3- التخيل بأن الهدف قد تحقق بكل ألوانه وأحجامه ...مصاحبة للمشاعر الرائعة وكأنها تحققت بالفعل ..تنفس بطريقة عميقة جداً مع إملاء الرئتين بالأوكسجين....
4- ومن ثم سيكون رائع بأن تخلد للنوم وآخر تفكير لك هو النجاح في تحقيق هدفك ستصحو مرتاح ومتحمس ونشيط بقوة الله ... لذا التوكل والاستعانة بالله من أهم الأسباب في تغير النفسيات إلى الأفضل ...
الطريقة الثانية :.وهى طريقة تذكر المواقف الرائعة في حياتنا وكانت لها تأثير قوى على نفسيتنا
1- الاسترخاء في مكان هادئ ومريح ..
2- استحضار موقف كان رائع من المواقف الماضية (النجاح في مرحلة من المراحل
الدراسية , النجاح في إقامة مشروع كان نجاحه خيالي بالنسبة لك , النجاح في تحقيق هدف كبير , النجاح في مساعدة أي إنسان , النجاح في تحقيق هدف لإنقاذك من مأزق أو حل لمشكلة كانت كبيرة ... وهكذا (باختصار الشعور بانتصار ساحق )
3- التركيز على الموقف الايجابي وتكبير الصورة بالتخيل أو تقوية الأصوات المصاحبة لها (إذا كان الموقف يذكرك بأصوات التشجيع والمدح والتصفيق وغيرها ...)
4- إذا كان آخر تفكير لك قبل النوم هو ... استحضار الموقف الرائع ، ستصبح بقوة الله بنفس المشاعر الرائعة .. في الصباح ...
5- ستتغير المشاعر السلبية الماضية إلى ايجابية وسيتغير السلوك إلى الأفضل وبشكل رائع إن شاء الله...
كيف تحدد أهدافك ؟
حدد أهدافك واجعل مدى الأهداف مختلفاً
1- أهداف قصيرة مدتها أيام أو أسابيع مثل : ماذا ستفعل غداً ؟ الانتهاء من قراءة كتاب .. الخ وعليك أن تتذكر أن الأهداف اليومية هي خطوتك الأولى للوصول إلى الأهداف البعيدة المدى ، وأن تسلسل وترتيب الأهداف ضروري حتى تستطيع أن تعد نفسك لباقي الأهداف، فتحقيق الأهداف اليومية هو بمثابة المكافأة لك وبالتالي يساعد على تحقيق أهداف أخر فالنجاح يقود إلى نجاح والإنجاز الصغير يقود إلى الإنجاز الكبير"
2- أهداف متوسطة المدى ( مدتهاشهور ) مثل إتقان اللغة الإنكليزية أو الكمبيوتر أو توفير مبلغ لشراء شيء من نواقص البيت
3- أهداف طويلةالمدى ومدتها سنوات: مثل الحصول على البكالوريوس أو الحصول على ترقية وظيفية"
وأخيراً أود القول لك عزيزي القارئ كلما كانت أهدافك واقعية محددة المدى مؤكدة بالتفكير الايجابي فإنك سوف تجنى ثمار ما زرعت
هذا والله من وراء القصد
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مع تحيات / دكتور/ دكتور وحيد حامد عبد الرشيد