إننا جميعا نشعر بالجوع إلى تقبلنا على حالنا ، و نريد ذلك الشخص الذي يمكننا أن نسترخي في وجوده ..
و القليل منا من يمتلك الشجاعة بأن يكونوا أنفسهم بالكامل و بصورة طبيعية عند تعاملهم عم العالم الخارجي بصفة عامة لكننا نحب أن يكون لدينا ذلك الشخص الذي نستطيع معه أن تكون أنفسنا على طبيعتها معه ، ذلك لأننا نعرف أننا مثله و يمكنه تقبلنا على ما نحن عليه ..
قال أحد علماء النفس :
" ليس بمقدور أحد أن يقوم إنساناً آخر ، لكن بحبك لهذا الإنسان الآخر على ما هو عليه تستطيع أن تمنحه القوة لتغيير نفسه .."
إن هناك الكثيرين من الناس الممتازين الذين يملكون التأثير القليل أو أن لا تأثير لهم بالمرة على الآخرين و ذلك لسبب بسيط و ذلك أنهم عجزوا عن منح الآخرين أي تقبل لهم على حالتهم ، بل إنهم يلقون عليهم بفكرة أن عليهم أن يتغيروا حتى يمكن لهم أن يحظوا بتقبلهم لهم ..
تقول الدكتورة روث باربي :
إن التقبل العاطفي لا يعني الحط من قيمك التي تؤمن بها ، و لكنها الطريقة التي تشعر بها حيال أحد الأشخاص و ليس الطريقة التي تفكر بها فيه ، إنها التوكيد عليه كشخص ، إنه الاعتراف الجذري و الأساس بأنه شيء تستطيع أن تقبله و ترضى به ..
لكن التقبل سلاح ذو حدين !!
فإحدى مآسي مجتمعنا هي أن الحاجة إلى التقبل تعمل ضد المجتمع كما أنها تعمل من أجله !!و لكن كيف ذلك ؟
لك أن تلاحظ أن الكثير من عصابات المراهقين التي تقفز إلينا من كل أنحاء البلاد مثلا ترجع و بلا شك إلى أن هؤلاء الصبية و الذين لم يتم تقبلهم في الأماكن الأخرى من المجتمع ، يحظون فعلا ببعض الأهمية الشخصية و تمتعون بالإحساس بالانتماء و ذلك من خلال تقبل أعضاء عصاباتهم لهم ..!
و هناك مأساة أخرى أيضا ، فيحدث كثيرا عندما يخرج أحدهم من السجن يكون من المحتمل له أن يكون قد استوعب درس الحبس ، و أنه قد خرج منه و هو يحمل في نفسه أفضل النوايا ، إلا أنه سرعان ما يصطدم بحجر الواقع و يكتشف أن الذين سبق حبسهم لا يتمتعون بالقبول / ضمن الناس المهذبين / ، و أن المكان الذي يمكن له أن يحظى فيه بذلك هو الموجود بين المجرمين الحاليين و السابقين ..
و لنتذكر دائما ان تقبلنا للآخرين لا يعني بالضرورة موافقتنا على أفعالهم و سلوكياتهم السلبية منها أو الإيجابية ،لكنه لا يتعدى كونه وسيلة إتصال إجتماعي مع من حولنا تمكننا من القفز فوق الحواجز التي تعوق مثل هذا الإتصال ...